شهر واحد من أصل أثنى عشر شهر اسمه من كلمة واحدة لم ترد في القرآن إلا مرة واحدة فيه نزل القرآن وفيه ليلة واحدة خير من ألف شهر.
اسمه من ثلاثة حروف مطردة، تدل على الحدة في الشيء، فهو من الرمض، والرمض شدة حر الحجارة من شدة حر الشمس، فلا تستطيع أن تخطو فوقها لسخونتها، إلا أنه شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وكلما خطوة فوق أيامه زدت قربا ومحبة وإيمانا، وعتقت من رمض نار جهنم بإذنه تعالى.
وهو بمثابة محطة يغسل فيها العبد ذنوبه ويزداد قربا، فما صُفِدتْ فيه الشياطين إلا لأجل ذلك، حتى نقوي الإيمان ونجدد العهد على الالتزام والتقرب بالطاعات فترجح كفت حسناتنا في الميزان.
فيه ليلة خير من ألف شهر، ليلة هي جائزة لمن أخلص النية بالعمل الصالح، وجازة فيها لمن شهدها أن يطلب ما شاء من أمور الدنيا والآخرة فهو مِمَنْ يقولون : ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) فيفوز بذلك الفوز العظيم وينال الهدية من رب كريم.
فيه يُبسط الفقير، وتُصل الأرحام، ويُختم القرآن، ويبلغ كل ذي حاجة المرام، فتنجلي الكآبة وتذهب الأحزان، وترسم على الوجوه لوحات التسامح تلونها ابتسامات المؤمن في وجه آخيه، فتُطرب القلوب وتذوب الأحقاد وتتلاحم الأرواح فتتجلى الرحمة في أوله، ويسعى العبد للمغفرة في ثانيه، ويطمع للعتق من النار في ثالثه، فتشتاق الجنة للقياه في آخرته.
لأجله نحزن ستَةً من الشهور، ولأجله نترقبه في ستَةٍ من الشهور، وبين الحزن والترقب قلب مؤمن قد تلهف لصحبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في جنة عرضها السموات والأرض أعدة للمتقين.
نترقب هلاله في بداية كل شهر ليصبح في منتصفه بدرا يضيء دجى الليل، قد استمد نوره من وجوه المؤمنين الراكعين الساجدين المسبحين بالأسحار، ويتدرج البدر في التضاؤل حزننا على فراق نورهم في نصفه الثاني، فيترقب المؤمن هلال شوال بفرح وسعادة غامرة بعد ما صام وقام وابتعد عن الحرام لينال الرضا ويُفتح له باب الريان فيدخل الجنة بسلام ويبلغ المرام.
بعد هذا الكلام هل خلص الكلام؟
لا، فرمضان شهر البركات ولو كان البحر مدادا للكلمات لا نفذ البحر قبل أن تنفذ الكلمات في وصف شهر الخيرات، فيا رب لا تبخل على عبادك من خيره واستجب لكل مهموم وحزين دعوته، وبلغ كل ذي حاجة حاجته.
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
sarita_zaho